اليمن أغنى الشعوب العربية وتحالف العدوان يطمعون في ثرواته

اليمن أغنى الشعوب العربية وتحالف العدوان يطمعون في ثرواته

تقرير / محمد محسن الحمزي

بحُكمِ موقع الـيَـمَـن الاستراتيجي الهامّ وثرواته الضخمة والمتعددة المصادر كـالــ ” ثروة السمكية الهائلة والقدرات السياحية الكامنة إضافة إلى الثروات النفطية والغازية والمعدنية والطبيعية العملاقة”، كانت ولا تزال محطةً لمطامع كُلّ الدول الاستعمارية، وملعباً لصراع الأقطاب العالمية؛ ونظراً لغياب مشروع الدولة المستقلة، البعيد عن هيمنة أحد تلك الأقطاب.

رُبَّـمَا لا يدركُ البعضُ أن معركةَ السيطرة على الدول التي تمتلك موقعاً جغرافياً مهماً كالـيَـمَـن ومصر والقرن الأفريقي وفرْض الهيمنة عليها، يأتي في سياقِ التموضع العسكري العالمي في منطقة الشرق الأوسط، وتحسباً من الإطاحة بأي توازن للدول الاستعمارية في المنطقة.

ومع اقتراب موعد الاستحقاقات الأَمريكية القادمة، وانشغال أَمريكا في الداخل، كان على الدول الاستعمارية الحفاظُ على حضورها وتثبيت أهم المواقع الاستراتيجية التي تحتاجها لمواجهة أيةِ مساعي استعمارية أَوْ وطنية منافسة لها، فظهر مؤشرُ بيع مصر لجزيرتي “تيران وصنافير” للسعودية، واتفاقية جزيرة بيع جزيرة سقطرى، وبواجهة ممالك الخليج.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه القوى الثوريةُ في الـيَـمَـن تبنِّي مشروع التحرر من أيَّة وصايةٍ إقليميةٍ أَوْ دوليةٍ، في سعيها لبناء الدولة المستقلة الحديثة والقوية، وتطهير البلاد من أدوات النفوذ الخارجي، الذين رهنوا البلاد للسيادة الأَمريكية، فلجأت إلَـى كُلّ الحيل لاستمالة قيادة هذه الثورة واحتوائها، كما فعلت في السابق مع قيادة ثورة فبراير الشبابية التي باع فيها قادتُها ضمائرَهم والثورة؛ من أجل الوصول إلَـى السلطة المطلقة الممنوحة والمُعمَّدة أَمريكياً، ولكن قيادةَ ثورة 21 سبتمبر، رفضت أن تبيعَ حُلُمَ الشعب في الحرية والدولة القوية، مقابل أي ثمن، لذا وجدت أَمريكا نفسَها أمام خيار إعادة الـيَـمَـن لبَيت الطاعة بالقوة العسكرية، فشنَّت عُـدْوَانها البربري بواسطة أذنابها وأدواتها في المنطقة، وأوعزت للنظام السعودي ومشيخات الخليج بإعلان الحرب على الـيَـمَـن واحتلاله عسكرياً حتى وصل الأمرُ بمشاركتها فعلياً في العمليات العسكرية، سواءٌ على الأرض أَوْ بالضربات الجوية؛ للعودة لاحْتلَال الـيَـمَـن، والذي أُسقط بثورة 21 سبتمبر.

لهذا ينبغي على الجميع إدراك هذه الحقيقة، أن العُـدْوَانَ على الـيَـمَـن لم يكن من أجلِ شرعيةٍ أَوْ كما تدّعيه دولُ العُـدْوَان في تبريراتها له، بل من أجل إعادة الاحْتلَال الأَمريكي على الـيَـمَـن؛ كي تمتصَّ ثرواتها وتستغلَّ موقعَها الاستراتيجي خدمةً لمصالحها، التي ستنتهي على حساب مشروع الدولة الـيَـمَـنية الحديثة المستقلة والقوية، التي سعت القيادة الثورية لتحقيقيه؛ تلبيةً لطموحات وآمال الشعب في بناء هذه الدولة المنشودة.

 

البُعد التأريخي لأَطْمَـاع الاحْتلَال الأَمريكي

بعد فشل العدوان الثلاثي (إسرائيل، فرنسا، بريطانيا) على مصر 1956م، واُفول الإمبراطورية البريطانية، وتنامي حركات التحرر الوطني العربية تجاه الغرب والصهيونية والأنظمة الرجعية، ظهر مبدأ “أيزنهاور” في يناير 1957م، والذي زعم بأن هزيمة بريطانيا وفرنسا خلقت فراغاً في الشرق الأوسط، وهذا المبدأُ يُعطي الرئيسَ الأَمريكي “أيزنهاور” صلاحية استخدام القوات المسلحة الأَمريكية في الخارج دون إجراء مشاورات مع الكونغرس الأَمريكي.

والهدف من ذلك هو هيمنة أَمريكا على الشرق الأوسط بقوة السلاح ومحاربة حركات التحرر الوطني والأنظمة الوطنية الجمهورية، وطُبق مبدأ “أيزنهاور” في لبنان 1958م، فتم إنزالُ مشاه البحرية الأَمريكية في لبنان لتطويق الأحزاب القومية العربية، وانتقلت السعوديةُ من الوصاية البريطانية إلى الوصاية والتبعية لأَمريكا الصهيونية، وأصبحت الأراضي السعودية تحتضنُ قواعدَ عسكريةً أَمريكية، أسلحة ومشاةً من المارينز الأَمريكي، فكان هذا الظهور الأول للقوات الأَمريكية في الظهران وخميس مشيط وجدة وتبوك والطائف وجبيل، ومن حينها أصبحت الأنظمة الرجعية التابعة لأَمريكا حصانَ طروادة لتنفيذ المشاريع الأَمريكية في المنطقة بالقيادة الخلفية أَوْ المباشرة، حسب مقتضيات الميدان والواقع، وبكل الوسائل القذرة، لمحاربة الثورات والأنظمة الوطنية، والقائمة سوداء لهذا النظام وطويلة جداً..

ومن يبحث عن ملامح الشرعية اليوم في المناطق “المُحررة” بتوصيف العدوان، يجدُها متبلورة بطابع فوضوي تبرز فيه الجماعات التكفيرية وتنتشر فيه بشكل كبير، وهذا ما تحتاجه أَمريكا للعودة من جديد، فكان منذ الأيام الأولى للعدوان، تسليم منطقة الغاز والنفط حضرموت لعناصر تنظيم القاعدة دون أي مقاومة تُذكر.

وهكذا أَمريكا الاستعمارية الصهيونية تستثمر أيَّ نزاع داخلي يمني وتسعى لإثارته، لتحقيق أهدافها في التقسيم ونهب الثروات والخيرات، وتحشد لذلك أدواتها السعودية والإخْـوَان .

وكما جرت عادات وتقاليد المخابرات الأَمريكية، بابتكار طُرُقٍ وأساليبَ ماكرةٍ؛ لتبرير التواجد وتحقيق أهدافها، باستخدام وتطويع عملائها أَوْ بذرائع مكافحة الإرْهَاب والشرعية، كانت المراحل الأولى للاحْتلَال العسكري الأَمريكي للـيَـمَـن.

قد يعجبك ايضا