الثورة مستمرة ….. بقلم/ عبدالله علي صبري

 

– لم تحقق ثورة 26 سبتمبر 1962 كافة أهدافها، وإن كانت قد شكلت منعطفا تاريخيا هاما في حياة اليمنيين وقفزت بواقع البلد مراحل متقدمة لا يمكن نكرانها، الأمر الذي يستوجب الوقوف على أهداف ومطالب الثورة، واستكمال مسارها التحرري، بحيث تصبح والمحطات الوطنية والثورية اللاحقة لها في سياق متصل، باعتبار أن الثورات اليمنية ومنجز الوحدة اليمنية، تأتي كلها ضمن التطلعات المشروعة التي نسجتها الحركة الوطنية منذ ثلاثينات القرن الماضي.

وكذلك الأمر بالنسبة لثورة21 سبتمبر 2014، وكما قال قائد الثورة الشعبية السيد عبدالملك الحوثي، فإنها ثورة مستمرة في وجه العدوان، بهدف تحقيق الحرية والاستقلال، وللحد من الوصاية الخارجية على بلادنا. وبهذا الإيجاز البليغ والعميق، قطع السيد الشك باليقين، مؤكداً على ديمومة الحالة الثورية، ومواصلة التحرك الشعبي في مختلف الظروف والمنعطفات.
ولأنها ثورة تراهن على الحضور الشعبي، فقد دعا السيد إلى حملة شعبية تضامنية مع البنك المركزي في وجه المؤامرة والحرب القذرة على الاقتصاد الوطني، والتي لم يكن قرار نقل البنك المركزي إلى محافظة عدن إلا آخر أوراقها، التي لا شك أنها ستحترق تحت لهيب الإرادة الشعبية المتوقدة.
الثورة مستمرة لأن الشعب موعود بالتغيير الجذري الشامل، وإذا كان العدوان قد عمل ويعمل على إعاقة إرادة التغيير الداخلي، فإن معركة الدفاع المقدس عن الوطن، وانتزاع حريته واستقلاله من مخالب قوى الغطرسة والهيمنة كفيل بإرساء أرضية صلبة تقوم عليها مشاريع البناء والتغيير، على عكس ما جرى مع ثورة 11 فبراير، التي رهنت قرارها للخارج فجاءت النتائج مخيبة للآمال العريضة.
لقد خرج الشعب ينشد الدولة المدنية رافضا للاستبداد الداخلي، غير أن الثوار أصاخوا السمع للخارج، حين دغدغ مشاعرهم وتحايل على الثورة بالمبادرة الخليجية، مع علمهم المسبق أن السعودية كانت ولا تزال على الضد من أي تغيير حقيقي في اليمن.
وما لم ينجزه الثوار في 2011 ، استكمله رفاقهم في سبتمبر 2014، حين خرج الشعب ثائرا ضد التدخلات الخارجية في الشأن اليمني، ووضع حدا للقوى التقليدية التي رهنت سيادة وقرار اليمن للخارج عقودا طويلة.
بيد أنه مع إنجاز هذه المهمة والتي أفضت إلى العدوان المباشر على اليمن من قبل التحالف السعودي الأمريكي، لا ينبغي أن نتجاهل معها أهمية بناء الدولة المدنية، دولة الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
التحرر من الاحتلال والتدخلات الخارجية، والخروج من ظلمات الاستبداد السياسي، كلاهما مهمتان ثوريتان لا يمكن الفصل بينهما، أو الانحياز لواحدة منهما على حساب الأخرى، وقد علمتنا تجارب الماضي أن الحركات التحررية في العالم العربي انزلقت نحو الفساد والاستبداد، ما جعل الاستعمار المباشر وغير المباشر يعود بقوة إلى دولنا ومجتمعاتنا وهي في حالة تيه واضطراب داخلي، دفع ويدفع إلى تفكيك الدولة القطرية وتجزئتها، وتبخر أحلام الوحدة العربية حتى حين.
واليوم فإن الخروج من ربقة الهيمنة والتدخلات الخارجية، يتطلب الحزم والجدية في خوض معركة الاستقلال الثاني، لكن بشرط أن يؤمن ثوار اليوم أن التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة هما الشرطان الأساسيان لبناء الدولة المدنية وصون استقلالها وكرامة أبنائها، وأن السلطة لا ينبغي احتكارها خارج الإرادة الشعبية تحت غطاء أولوية المواجهة مع التهديدات الخارجية.
قد يعجبك ايضا